[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ليلة العمر (1)
إن الزيجة الصالحة هي من أكبر متع الدنيا إذا استوفت الشروط التي وضعها
الله لها، وإذا سبق الارتباط النية السليمة الصحيحة لبناء أسرة ذات كيان
متماسك، ترتكن إلى تعاليم الله ورسوله في كل تفاصيل الحياة... رزقنا الله
وإياكم الإحسان والإخلاص والنية السليمة وتوجيه أي عمل نقوم به إلى وجه
الله تعالى، فإنه نعم المولى ونعم النصير:
قال تعالى في كتابه العزيز: "ذلك من آيات الله من يهدِ الله فهو المهتدِ ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً". سورة الكهف، آية 17.
أما عن ليلة الزفاف يا أحبائي وأصدقائي، فهى الليلة التي تتحول الزوجة
من آنسة تنتمي لوالدها وتخضع لولايته، إلى سيدة مسئولة عن أسرة وعن كيان
جديد تشارك فيه هي بنسبة النصف أو ربما أكثر من النصف في بعض الشئون، وهذه
الليلة إنما هي الحلقة الأولى في سلسلة من الحلقات المتتابعة، والمترتبة
إحداها على الأخرى، والتي ستستمر لمدة ستطول بإذن الله ما شاء الله لها أن
تطول، ومن المعروف أن من أهم أركان الحياة الزوجية -والتي تبدأ تلك الليلة-
هي الحياة الحميمة، أو بالأحرى العلاقة الجنسية بين الزوجين.
وهذه العلاقة تأتي استجابة للغريزة التي فطر الله الإنسان عليها، ولكن
على الجانب الآخر وضع لها الضوابط التي تحميها وتوظفها في الإطار الأكثر
صحة في ضوء تقديره تعالى لطبيعة الكائن البشري والتي صنعت بيديه جل جلاله،
ولطبيعة متطلباته الروحية والبدنية واحتياجاته العضوية والنفسية..
ويأتي الدور الكبير والمهم لهذه الليلة بوصفها توقيت المرة الأولى
للقيام بهذه الوظيفة الجنسية المحببة للنفس البشرية والتي تترك انطباعاتها
على تلك النفس الرقيقة رضينا بذلك أم لم نرضَ، حيث إن الحياة الجنسية قبل
هذه الليلة لم تكن قائمة أصلاً وعلى ذلك فإن الزوجين يكونان بمثابة الصفحة
البيضاء التي لم تنقش، وبالتالي، أي كتابة على هذه الصفحة سيظهر لها أثر
إما بالإيجاب وهذا ما نتمناه ونسعى إليه، وإما بالسلب وهذا ما لا نتمناه
بالطبع ونرجو ألا يحدث لأحد مما يشوه الصورة التي يجب أن تكون جميلة
للتجربة الجنسية الأولى مع شريك العمر.
وبناء على ما تقدم ولأننا نهتم بأن يتحقق الغرض الأهم من العلاقة
الجنسية، وهو تحقيق السعادة والهناء كنتيجة للقيام بهذه العلاقة، ولكيلا
تكون مجرد أداء للوظيفة التي لا تتزاوج مع المتعة التي خص بها الله سبحانه
وتعالى بني آدم دون سائر خلقه فنحن نحاول ها هنا تقديم صورة ميسرة ومبسطة
لما يجب القيام به في هذه الليلة التي نتمنى أن تكون ليلة جميلة، وأن تكون
بحق "ليلة العمر" بل ليلة لا تنسى من فرط السعادة التي يذوقها كل من طرفي
الزيجة المباركة بإذن الله، ولكن مع احترام الجانب الفطري والشخصي لكل
منهما، والذي ينطلي على الرغبة في اكتشاف وسائل إسعاد كل للآخر، ولكن دعونا
نعترف أن تلك الرغبة تأتي في المقام الثاني بعد الرغبة الشديدة في إتمام
العلاقة بنجاح على الأقل في المرة الأولى لكي يطمئن الجانبان على قدرة
إتمام العلاقة الجنسية بشكل طبيعي، وهذا تحديداً ما نود الإشارة إليه ها
هنا، فلنرَ سوياً كيف يمكن أن يحدث ذلك:
نعلم جميعاً أن الزواج علاقة مقدسة وميثاق غليظ يسعد الله بإتمامه
وانعقاده، ولهذا السبب حبب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيه ودعا إليه،
وأنكر تركه مع القدرة عليه، ولذلك، فلنستحضر الطاعة لله سبحانه وتعالى
وإحياء سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- حال إقدامنا على كل خطوة من خطوات
الزواج وبالذات في هذه الليلة التي بها نبدأ هذه العلاقة المحببة، وقد نبدأ
بنية واحدة شاملة لكل مرات إقامة العلاقة قبل القيام بها في ليلة الزفاف
من باب الاحتياط، حيث قد ينسى البعض تجديد النية في كل مرة من مرات القيام
بالعلاقة، ولكن الأفضل هو الأخذ بالأمرين، أي سبق نية شاملة، وأيضاً
تجديدها كل مرة فيتضاعف الثواب مما يفيد الناس في الدنيا بالاستمتاع
الغريزي الشهوي الدنيوي وفي الآخرة بهذا الكم من الأجر الذي يسهل الحصول
عليه بمجرد تحري الخطوات الصحيحة وسبق النية السليمة.
وتحقيقا واحياء لسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فليبدأ الزوجان
بركعتين يؤم فيهما العريس عروسه ولتكونا ركعتين خفيفتين مع الاهتمام بأن
تسبقا بالاغتسال كالغسل من الجنابة، وأيضاً بأن يدعو كل منهما بأن يوفقهما
الله في حياتهما سوياً، وبعد ذلك يضع الزوج يده على رأس زوجته ويدعو
بالدعاء المأثور عن النبي –صلى الله عليه وسلم- "اللهم آتني خيرها وخير ما
فيها وخير ما جبلتها عليه، واكفني شرها وشر ما فيها وشر ما جبلتها عليه"..
ثم يقبلها بين عينيها، ثم تفعل هي نفس الشيء معه، فإن هذا يعمل على إزالة
الرهبة من نفس كليهما، ويصنع نوعاً من الاستئناس بينهما، ويقع بشكل إيجابي
في وجدانهما، ويكون خير استفتاح لحياة مشتركة بينهما، ندعو الله جميعاً أن
تكون حياة سعيدة ومديدة تغلفها طاعة الله سبحانه وتعالى، وتسبقها نية
البناء السليم لأسرة قوية وذرية حسنة تسهم في تعمير الدنيا ولا تتركها على
الحال الذي جاءتها عليه..
صدقونى يا أحبائي، هذا هو الغرض الحقيقي من الزواج
وإقامة الأسرة ونلتقي على خير سوياً في الحلقة القادمة بإذن الله مع تفاصيل
أكثر لليلة الزفاف.